الجمعة، ديسمبر 22، 2023

اللغة العربية

 اللغة العربية من أقدم اللغات السامية، والأكثر انتشارا ونموا فى العالم، لغة القرآن الكريم، والعمود الفقرى للثقافة الإسلامية والعربية، و الرابط بين جميع العرب رغم اختلاف لهجاتهم، وكذلك يستخدمها جميع مسلمي العالم فى صلواتهم، وقرائتهم للقرآن الكريم.

لغة تميزت عن غيرها بحرف الضاد، الغير موجود فى اى لغة غير العربية، تتميز بأبجديتها الرائعة، والمخارج الصوتية لحروفها، وبرعت فى فنون خطها البديع الذى يؤثر الأنظار.
بها علم العروض موسيقى الشعر والأوزان والقافية، والذى يجعلها عذبة، ويعطيها التميز عن باقى لغات العالم كلة، هى لغة الفصاحة والبلاغة، لغة علم النحو والصرف والاشتقاق والترادف، وتأثيراتها كبيرة فى الدين والأدب والفكر، ولها تأثيراتها فى الثقافة الإنسانية، وجسر مهم للحوار بين الحضارات والثقافات المختلفة عن طريق الترجمة ونقل العلوم والمعارف الى أوربا فى عصر نهضتها.
فقد تم اعتماد اللغة العربية من الجمعية العامة للامم المتحدة كأحد اللغات الستة داخل المنظمة الدولية، يوم 18 ديسمبر 1973، بعد جهد من المغرب والسعودية وبعض الدول العربية، ودعما من جامعة الدولة العربية، وذلك خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو. وبناء علي ذلك الجهد قررت منظمة اليونسكو فى 2012 اعتماد يوم 18 ديسمبر من كل عام يوما عالميا للغة العربية .
مرت اللغة العربية بفترات من الكبوات والضعف فى بعض البلدان العربية نتيجة وقوعها تحت الإحتلال سنوات طويلة، أثرت فى بنيتها الثقافية واندمجت فى لغة وثقافة المحتل كما فى تونس والجزائر والمغرب على سبيل المثال، على عكس الأمر فى مصر اذ ظلت محافظة على هويتها وتقاليدها وعروبتها لوجود الأزهر الشريف، والتمسك بالدين و التقاليد .
عاشت اللغة العربية قرون طويلة ومازالت ستعيش الى نهاية الحياة، لأن الإسلام حافظ عليها من الضياع والإندثار، عكس لغات اخرى ظهرت واندثرت.
فاللغة المصرية القديمة لو لم تفك رموزها لم نكن لنعرف حضارتنا وتاريخ أسلافنا من قدماء المصريين، وتعمل وزارة السياحة مع وزارة التربية والتعليم على احياء لغتنا الهيروغروفية وتدريس رموزها للأطفال لربطهم بتاريخهم وارثهم الحضارى العظيم، وهناك لغات اختفت وطمست ولم يتعرف على تاريخ شعوبهم القديمة.
انما لغتنا العربية ستظل قائمة الى نهاية الحياة على الأرض لأنها لغة القران الكريم، وإن أصابها الهوان لن تموت أبدا، فقد قال الله فى كتابة الكريم (إنا نزلنا الذكر وأنا له لحافظون) وذلك دليل أكيد على انها حية مادامت الحياة.
هناك بعض الأسباب الرئيسية لضعفها والعمل على تغريبها فى وطنها، لكن يبقى من المهم مواجهة أسباب هذا الضعف فى بلداننا العربية والعمل دائما على إحيائها كلا طبقا لمجتمعة، وسوف نتعرض لبعض تلك الأسباب المشتركة لهذا الضعف وكيف تم مواجهتة فى مصر على سبيل المثال.
تعانى اللغة العربية من ثورة الإنترنت، وتأثيرات عالم التواصل الإجتماعى، والتغريب نتيجة الإحتكاكات والإندماجات فى عالم الغرب، جعل التأثير قوى على شرائح من المجتمعات العربية ذهبت فى تقليد ومحاكاة لتلك العوالم الغربية، والتأثر بثقافات تلك البلدان على حساب هويتها ولغتها الأم.
كذلك من أسباب ضعف اللغة فى الوقت الحالى، انتشار المدارس التى تعلم فقط باللغات الأجنبية على حساب اللغة العربية، ففى ألمانيا لايتم تعليم لغة اخرى غير الألمانية قبل الصف الصف الثالث اى فى سن التاسعة، وفى اليابان فى سن العاشرة للطفل، لربط الطفل بلغتة الأصلية.
الدراما والسينما والمسرح الذى يتناول مواضيعة باللغة العامية، وغياب الأعمال التى تحيى الفصحى، جعلت من العامية اللغة السائدة فى الشارع والبيت والمدرسة و فى التعاملات بين المواطنين.
غزو الدارما والأفلام الأجنبية، وتأثر المجتمع بثقافات وعادات ذاك الغزو الثقافى المؤثر يجعلنا أن ننتبة لتأثيراته البالغة على مجتمعاتنا العربية.
وهناك دور كبير على وزارة التربية والتعليم باعادة تطوير المناهج التعليمية وخصوصا فى التعليم الأساسى، واحياء الأنشطة الطلابية ورعاية المواهب داخل مدارسنا، مع ان البداية تأتى من تأهيل المعلم وتدريبه وجاهزيته للقيام بدوره، فهو المقياس الأول لجذب النشىء ليحب اللغة، مع توفير مكتبات داخل المدارس، والتدريب على قواعد اللغة العربية .
وزارة التعليم العالى لها دور كبير فى استمرار تنمية ورعاية ابنائها الموهوبين، ودعم كافة الأنشطة الطلابية فى كل الجامعات والمعاهد، واقامة معارض للكتب وتنظيم مسابقات ثقافية وابحاث فى ارثنا الثقافى،بل نرجو ان يتم تدريس مادة باللغة العربية فى كل سنوات الدراسة بالمرحلة الجامعة فى النقد او الأدب والرواية والشعر والبلاغة .
وزارة الثقافة لها دور عظيم عبر مسارحها وقصور الثقافة ودور النشر الحكومية، والمعارض والمسابقات واكتشاف المواهب ورعايتها، وان لايكون الدور فى انشطتها مقتصر على العاصمة بل يجب ان يتسع لربوع مصر كلها، وان تبحث عن المواهب فى الأقاليم المنسية، والتى لا تتوافر فيها اى نوع من الإهتمام، وان تعقد برتوكول مع وزارة الشباب والرياضة لتوفير مكتبات داخل كل مراكز الشباب والأندية لإنارة عقول قادة المستقبل وربطهم بكل قضايا مجتمعهم والإنخراط فى التفاعل معه.
ان تعيد إحياء مكتبة الأسرة للتشجيع على القراءة، ولان إصدراتها كانت فى متناول كل شرائح المواطنيين، على العكس الان سعر الكتب والإصدرارت فى دور النشر لم تعد فى متناول شريحة كبيرة لغلاء أسعارها.
التوسع فى أقامة معارض للكتب فى كل المحافظات المصرية والجامعات وتوفير الكتب بأسعار مخفضة حتى يستطيع الطلاب اقتنائها تشجيعا على القراءة.
الهيئة الوطنية للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة لهما دور كبير عبر الكلمة المسموعة والمقروءة والمرئية فى تقوية الإرتباط بلغتنا الجميلة، ويجب أن تكون اللغة المقدمة عبر تلك النوافذ راقية وان نكثر من البرامج والمسابقات الثقافية .
كما يجب احياء هذا اليوم بشكل يجذب الأطفال والشباب، وليعلموا ان تاريخنا عامر بالشعر والمعلقات وفنون الدب المختلفة ولدينا إرث نفتخر به.
على الدولة ان تتدخل عبر قطاع الإنتاج الفنى فى انتاج دراما تلفزيونية لتقديم اعمال بالفصحى، وعودة دعم المسرح لعودة لغتنا الراقية (اللغة العربية الفصحى) كما كان موجود فى فترات ماضية .
كما نشكر الدولة على رعايتها مسابقة المبدع الصغير، ونطالبها ان تستمر فى رعاية الموهوبين بعد فوزهم او الذين لم يفوزوا لتنمية موهبتهم، ليكون لدينا قوة ناعمة كبيرة وحقيقية تعييد لنا الريادة فى المستقبل، ولا يبقى الأمر قاصر على تلك المسابقة فقط بل التوسع فى المسابقات والأنشطة فى كل المحافظات بشكل مستقل.
الحكومة المصرية عبر وزارة الهجرة انتبهت الى الطيور المهاجرة والأجيال المتلاحقة بالمهجر وعملت على ربطهم بالجذور ودمجهم بقافتهم العربية، فتم اطلاق المبادرة الرئاسية فى 2020 اتكلم عربى لربط المصريين بالخارج بوطنهم الأمم، ودعم الولاء والإنتماء الوطنى لديهم، وتستهدف المبادرة الفئات العمرية من 3 إلى 6 سنوات كمرحلة أولى، ومن 6 إلى 12 سنة مرحلة ثانية، ومن 12 إلى 18 سنة مرحلة ثالثة، وأطلقت تطبيق إليكترونى تحت عنوان اتكلم عربى وعيشها مصرى.
مع العلم أننا لسنا ضد تعلم لغات عديدة والإنفتاح على ثقافات مختلفة، لكن من المهم الحرص على ربط تلك الأجيال بهويتها وثقافتها العربية، وربطهم بلغتهم الأصلية ليستطيعوا تثبيت جذورهم بأوطانهم ومشدوديين لحضارتهم وتاريخهم.
هناك دور كبير على الدولة متمثل فى وزارة الثقافة والتربية والتعليم والتعليم العالى ووزارة الهجرة والتنمية المحلية ووزارة الأوقاف وغيرهم من الهيئات ومنظمات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية والأزهر الشريف والإعلام المرئى والمسموع فى تشكيل الوعى وزيادته ومواجهة خطر تشوية الهوية ورسم ملامح الطريق الصحيح لنشر القيم والتمسك بقيمنا، لو قام كلا بدوره المنوط به.
كما هناك دور يمارسة رجال الأعمال، وكبار الكتاب، والمنظمات من المجتمع المدنى، بتدشين جوائز مختلفة لمسابقات عديدة فى الادب والقصة والرواية والشعر والتحقيق الصحفى وغيرها ان تستمر وتتزايد تلك المسابقات.
فلغتنا العربية يسرا لا عسر، وستظل مساهمة فى الحضارة الإنسانية، وركن مهم فى الإبداع وفى عملية التواصل الحضارى بين الثقافات المختلفة، وفى حوار الحضارات بين الشعوب، فافتخروا بلغتكم العربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق