الجمعة، ديسمبر 22، 2023

من فصول المشهد الانتخابى

 











منذ أعلنت الهيئة العليا للإنتخابات عن بداية الإنتخابات الرئاسية، اجتمعنا فى المكتب السياسى للحزب لمناقشة المشاركة فى هذا الإستحقاق المهم، عبر الدفع بمرشح رئاسى، او دعم مرشح، ونابع من إدراكنا ان الحق هو المشاركة فى كافة الإستحقاقات الدستورية، ودور الأحزاب السياسية الإشتباك مع كل الإستحقاقات، وكان القرار الإنتظار لحين رؤية الأسماء المرشحة لدعم أحد هؤلاء المرشحين.

وعندما ظهرت الأسماء كان القرار بعد اجتماعات عديدة، وقرار الهيئة العليا للحزب هو دعم المرشح فريد زهران، وذلك لأسباب عديدة تم دحضها فى اجتماع الهيئة العليا للحزب وعن قناعة شديدة.

ففريد زهران هو أحد أقطاب الحركة المدنية، ولدية تاريخ سياسى ونضالى مشرف، وحزب المصرى الديمقراطى الأقرب الى رؤيتنا كحزب العدل وتوجهاتنا، ونتعاون معا فى ملفات عديدة.

وسرعان ما تطور المشهد والقرار من دعم المرشح فريد زهران الى شراكة كاملة فى حملتة الإنتخابية، وفى اعداد برنامجة الإنتخابى.

ورغم ضيق الوقت المتاح للدعاية الإنتخابية، وقلة الإمكانيات، استطعنا بعد عدة اجتماعات استغلال تلك المساحة والفترة المحدودة للدعاية فى عرض رؤيتنا المشتركة بإعداد برنامج انتخابى كامل فى محاورة الثلاثة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وعرض رؤية مغايرة عن رؤية السلطة للخروج من الأوضاع الإقتصادية الصعبة التى يعانى منها الوطن، وحالة الغلاء الفاحش الذى يعانى منه المواطنون، نتيجة تبعيات الإصلاح الإقتصادى.

كما وضعنا برنامج مختصر لنسهل على المواطنيين معرفة برنامجنا، ووضعنا برنامج تفصيلى متكامل لخطتنا فى لحظة الفوز بالسباق الرئاسى ليكون دستور ومنهج عاهدنا ناخبينا علية و يحمل رؤية واقعية بالحلول المتاحة لتغيير ذلك الوضع.

كان شعار الحملة والذى تناقشنا فية كثيرا، حتى انتهينا الى معا للتغيير، ليحمل فى مضمونة أننا نسعى للتغيير الآمن السلمى الديمقراطى للسلطة عبر صناديق الإنتخابات، وان غير ذلك هو استمرار لحالة التردى والوضع الصعب الذى نحيا فية.

كنا واضعين نصب أعيننا على كل ما يحاك بالوطن من مؤامرات، وما يواجهة من تحديات جمة ، فالمنطقة من حولنا ملتهبة، وصراعات فى الشرق والغرب والجنوب من حدودنا، وتهديد واضح للأمن القومى المصرى، وما يحدث فى غزة من حرب بربرية تقوم بها دولة الإحتلال الصهيونى.

وضعنا كل الأزمات بشكل منفرد ونظرنا الى كل أزمة بشكل تخصصى ودارسة مستفيضة عبر أكاديمين وسياسيين واهل الإختصاص لوضع علاج واقعى قابل للحل، وكيف هى رؤيتنا الى أزمة سد النهضة، والديون الخارجية، وازمة سعر الصرف، ومشاكل الاقتصاد والاستثمار والغلاء، ووضع رؤية واقعية تقدم حلول لتلك الأزمات، وتم عرضها فى البرنامج الإنتخابى .

ونفس الوقت تم تشكيل هيكل الحملة، وباعلان هذا الهيكل بدأ تفاعل أعضائها كلا فيما يخصة، ودارت عجلة الحملة بشكل سريع ومتناغم وبشراكة يسود فيها كل الود والمحبة والتفانى لما يقدمه كل فرد من اعضاء حزبى العدل والمصرى الديمقراطى والمتطوعين من خارج الحزبين .

واستطاع حزب العدل عبر رئيس الحزب تخطى عقبة التوكيلات الشعبية، والحصول على توقيعات عدد من النواب شركاء حلم التغيير، بالإضافة الى نواب الحزبين، ووصلت التوقيعات الى ثلاثين نائب، وتقدمنا بأوراق ترشح مرشحنا الى الهيئة العليا للإنتخابات واستكمال الإجراءات وخرجنا من مرشح محتمل الى مرشح رئاسى .

فى تلك الأثناء كانت هناك محاولات للحصول على دعم احزاب الحركة المدنية بعد عدم استكمال احد المرشحين الذين كانوا بصدد دعمة، وكذلك بعد عدم قدرة رئيسة حزب الدستور دخول السباق، فكان لابد منهم دعم مرشح هو احد أعضاء الحركة المدنية، وشريك هو وحزبة وحزب العدل فيها، لكن للاسف كانت رؤيتهم سلبية ورفضوا الإشتباك واعلان دعمهم بحجج واهية، متناسيين انهم برغم اختلاف ايدلوجياتهم استطاعوا الخروج بوثيقة مهمة جدا كانت أساس محاورة أعضائهم فى الحوار الوطنى، هى وثيقة أفق الخروج، الذى اعتبروها دليل حى على ان المعارضة المصرية لديها رؤية، وتمتلك بديل واقعى وحلول لكل مشاكل الوطن، ولكن أردوا الإبتعاد فى وقت كان اصطفافهم سيعطى صورة ايجابية للمعارضة المصرية.

لكن فى كل الأحوال لن نلومهم على موقفهم، لأننا فى الاصل نريد تماسك الحركة وعدم تفتيتها، وابتعدنا عن الزج بها فى سياقات تضعف ولا تقوى مما هو قادم، حتى اعلن بعد ذلك حزب الإصلاح والتنمية دعمة، وشخصيات داخل الحركة دعمها، بخلاف الكثيرين من الشخصيات العامة والسياسية دعمها فريد زهران ومشاركة البعض منهم مؤتمراته الإنتخابية، وبأرائهم فى البرنامج.

ورغم قلة الإمكانيات المادية، وضيق الوقت بدأ انطلاق الحملة عبر مؤتمر صحفى كبير لعرض برنامجنا الإنتخابى، وبدأت المؤتمرات الجماهيرية فى عدد من المحافظات فى كل ربوع مصر.

كان من الرائع التواصل مع المواطنيين فى المؤتمرات الإنتخابية، حيث نزلنا الى الريف المصرى وعبرنا عن مطالبهم، وتكلمنا بلسانهم، وكذلك المدن الصناعية والمراكز والحضر والمحافظات، استمعنا اليهم وناقشونا فى برنامجنا وتجاوبنا معهم وتجاوبوا معنا، ولولا ضيق الوقت ومحدودية فترة الدعاية منذ اعلان الهيئة العليا لكنا وصلنا الى كل ربوع مصر ليسمعوا لنا ونسمع منهم.

لأننا من نفس طينة هذا الشعب، ونشعر بما يشعروا به وما يعانوا منه وما يحلمون به وياملون فية من تطلعات فكلنا تحت مظلة معا للتغيير فقد أصدقناهم فصدقونا.

 لم نتعرض طوال الحملة لأحد من المرشحين الثلاثة بشكل شخصى، انما كنا ننتقد سياسات بشكل علمى مدروس، وواقع نعيشة ونعانى منه لا نبتكره، وندعو لتغيير تلك السياسات الخاطئة، التى ادت الى تلك النتائج الصعبة التى يشعر بها كل مواطن فى مصر.

الدولة بكل اجهزتها ومؤسساتها أعلنت انها محايدة ولم يكن ذلك صحيح بنسبة كبيرة، برغم ظهورنا فى بعض البرامج التلفزيونية، واعلان الشركة المتحدة عن 100 دقيقة لكل مرشح، لكن كان هناك مرشح لم تغفل عنه كل الوسائل سواء المسموعة او المقروئة او المرئية، ورغم ذلك نحن جئنا من حالة الجمود التى اعترت الحياة السياسية، واستطعنا استغلال تلك المساحة المفتوحة، والمتاحة لعرض رؤيتنا كحزبيين سياسيين، وبرنامج مرشحنا الرئاسى.

لن نتحدث عن أيام الإنتخابات فالجميع يعلم حقيقة المشهد الإنتخابى، ولكنه تم بدون اى شكاوى او تقديم تظلمات من أحد المرشحين، حتى تم اعلان فوز الرئيس السيسى بولاية ثالثة.

ثم لقائة بالمرشحين المنافسين له فى الإتحادية كانت صورة جميلة وختامية للمشهد، ونؤكد من خلالها تضامنا مع الرئيس والدولة المصرية فى التصدى لكل ما يحاك للوطن، ونعلن ان هذا وقت الإصطفاف الوطنى من جميع المصريين للعمل على رفعه الوطن وحمايته، كما ندعو الرئيس السيسى الى الأخذ بكل ما تم تفنيده من سلبيات، والإطلاع على برامج المنافسين، واستكمال جلسات الحوار الوطنى والأخذ بكل المخرجات المتفق عليها، وان يتم الإستعانة بحكومة كفاءات قادرة على الخروج من الوضع الإقتصادى لتحسين حال المواطنيين، لأن الأصل فى نهضة أى امه هو بناء الإنسان لا الحجر.

ونحن لا ننكر ما تم من انجازات، وتم ذكرها فى المؤتمرات واللقاءات على لسانى شخصيا، ولكن يجب ان لا يغفل أن هناك قصور يجب علاجه، ولدينا ملفات كثيرة عالقة ويجب حلها،  وهناك حلول سريعة تقتلع كثير من الأزمات من جذورها بشكل سريع طالما توافرت الإرادة السياسية، وتخطى حالة العناد، لذا علية أن يستمع ويتناقش مع صوت المعارضة الوطنية المخلصة لوطنها ولمواطنيه.

ولابد ان نعترف وقد أسدل الستار عن المشهد الإنتخابى أننا استفدنا كثيرا من تلك المساحات التى عبرنا فيها عن رؤيتنا، واشتباك اعضائنا اعطاهم الخبرة الكبيرة فى تلك الفترة، وتمنوا ان يفتح المجال السياسى بشكل عام ومستمر، فالحزب هو الوسيط بين السلطة والمواطنيين، وان دورة الطبيعى الإنخراط بينهم لينقل عنهم ويكون صوتهم الى سلطة الحكم.

كما ان التداول السلمى للسلطة يأتى عن طريق قوة تلك الأحزاب فى الشارع، فيتم اختيارهم فى الإستحقاقات المختلفة عن قناعه بأنهم سيرعوا الوطن ويصونوا مصالحهم.

من المشاهد الجميلة فى أثناء فترة الحملة، هى غرفة عمليات حزب العدل، فبرغم كل القصور إلا اننا استطعنا بكل فاعلية صنع مشهد سيعيش طويلا لكل فرد شارك فى تلك الغرفة، سواء كان فى الغرفة المركزية، او فى الغرف الفرعية فى الأمانات بالمحافظات.

شباب وفتيات كانوا مملؤين  بالهمة والنشاط والتفاعلية، شكلوا خلية نحل قوية تعمل بدأب وحب واخلاص ليخرجوا لنا نتائج وتحليلات وعمليات رصد ومتابعة للمشهد الإنتخابى فى تجربة لن ينسوها ولن تمحى من ذاكرتهم.

فى اللحظات الأخيرة صعب عليهم أن يذهبوا الى بيوتهم، فبرغم التعب والإرهاق والفترات الطويلة من التفاعل والتواصل، قال أحدهم نتمنى ان يظل هذا الحراك مستمر، بعد ان كانوا فقدوا اهتمامهم بالمجال العام او السياسى وجدوا انفسهم فى حدث حقيقى تمنوا الا ينتهى .

فى النهاية يجب ان نشكر السيد / فريد زهران على قراره الشجاع بدخولة معترك السباق الإنتخابى، فلولا هذا القرار الذى لا ياتى إلا من سياسى مخضرم، يمتلك من المقومات الكثير التى أهلته ليقود سفينته ونحن ورائة بكل ثقة فى مشروعه السياسى، وبرنامجة الإنتخابى، وبمشاركة كل اعضاء الحزبيين بكل فاعلية فى كل محاورة، والتشابك مع الشارع المصرى فى كل  قضاياه، فشكرا لكم على تلك الفرصة وعلى احياء الأمل فى قلوب فقدت الشغف بالعمل السياسى بسبب ضيق المجال العام، فحقا استفاد الحزبين وكل اعضائهم من تلك التجربة الحية والحقيقية، وستضيف لحالة الحراك السياسى لو استمر هذا المناخ متاح لحركتنا فى الشارع

 كل تلك الخبرة لن نستطيع ان نكتسبها عبر دروس ومحاضرات، انما عشناها واقع وكنا نحن ادواتها وسلطتها .

كانت مظلتنا معا للتغيير تحمل الصدق والبديل الآمن والسلمى، ولكننا نعترف اننا فى بداية البناء وسنستكمل الطريق من أجل وطن ناهض وجمهورية تتسع الجميع رايتها عالية خفاقة بسواعد كل أبنائها .

حفظ الله الوطن

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق