الأربعاء، ديسمبر 11، 2024
سوريا الى اين
سقط النظام السورى، وهرب بشار وترك سوريا لمصير مجهول، بعد أن ذاق الشعب السورى كل المعاناة من القتل والتنكيل والسجن والتعذيب، وستتوالى حكايات لن يصدقها عقل عن سلخانات بشار و وظلم نظامه تزيد القلب ألما ووجعا.
وما بين حالة الفرح لإنتهاء حقبة مريرة من حكم أل الأسد، لكن القادم لسوريا مجهول، فقد نجحت الميلشيات المسلحة فى أيام قليلة من الإطاحة ببشار، والناظر الى خلفيات تلك الفصائل المسلحة التى تصنف جماعات ارهابية لا يبشر بالخير برغم التطمينات التى يتحدثون عنها وانها قامت بمراجعات وتخلصت من المتشددين والفكر المتشدد وتتبنى خطاب مغاير لمنهجيتها السابقة .
فقد نجح بشار بغبائه وعناده وديكتتاتوريته فى خلق حالة من الفوضى العارمة داخل المنطقة كلها، و ادى سقوطه السريع الى قيام اسرائيل بعمليات جوية هى الأكبر فى تاريخها ضد كل الأماكن الحيوية فى سوريا لتدمير بنيتها التحتية وتدمير قدرات جيشها، فقد تم ضرب المطارات والموانئ والسفن ومراكز الأبحات وكأنها تريد تدمير سوريا تماما وبرعاية امريكية، مما جعل واشنطن تعلن عن رغبتها فى تدمير ترسانة سوريا النووية خوفا من وقوعها أيدى الجماعات المسلحة، و اعلان مجرمها الاول نيتنياهو على الغاء معاهدة فض الارتباط بين اسرائيل وسوريا، وواصل توغلة فى المنطقة العازلة ليعلن ان الجولان اسرائيلية الى الابد وليحتل مساحات جديدة ليقوم بإنشاء منطقة عازلة جديدة .
اسرائيل التى فزعت مما حدث لها فى السابع من اكتوبر جعلها تنطلق كالوحش المفترس، لم يردعها احد لا قوانين ولا قرارات دولية ولا مناشادات انسانية، لم تعبأ لأى صوت ومارست كل الشرور من القتل والإبادة الجماعية فى قطاع غزة فدمرته تماما، وانتقلت الى الضفة وبعدها الى حزب الله فى لبنان، ونجحت فى قتل غالبية اعدائها الكبار ( حسن نصرالله وخليفته والسنوار وهنية وغيرهم) والان تمارس نفس الشرور بكل قسوة فى سوريا فهى تريدها دولة بلا جيش.
كما نجحت اسرائيل فى تقليم اظافر ايران، ووصلت الى داخل طهران بعملياتها العسكرية، مما ادى الى تخليها عن بشار وتركته لمصيره وخرجت بصفقة غير معلومة، وكذلك روسيا التى دعمت الأسد طوال الوقت منذ 2015 كانت ابرز الخاسرين بفقدان نفوذها فى المنطقة، برغم استمرار قواعدها بسوريا تخلت عنه، بعد ان تخلى عنه جيشه، ولعل ان هناك صفقة خفية فى الافق جعلت من روسيا ترفع يدها عن حماية بشار لتبقى مكاسبها فى أوكرانيا .
ماحدث يفوق التوقعات حيث كانت سوريا مسرحا مفتوحا لعبث ايران التى اعتبرت النظام السورى مطيتها لتحقيق احلامها فى المنطقة، ولكنها كما اعلن الحرس الثورى خرجت تماما من سوريا وكانت اول الخاسرين من سقوط نظام بشار، ومن بعدها حزب الله وميلشياته التى كانت تدعم بشار، وتركيا التى دربت ومولت الميلشيات التى تسيطر على اجزاء من شمال غرب سوريا تريد تحقيق أغراضها بالتمدد فى المنطقة وخلق منطقة عازله بينها وبين الميلشيات الكردية، و مع ان قوات سوريا الديمقراطية قسد التى تمولهم وتدعمهم الولايات المتحدة الامريكية، تسيطر هى الاخرى على الشمال الشرقى من سوريا، والتى بالنسبة الى تركيا تهدد أمنها وتسعى تركيا الى التخلص منها ومن اللاجئين السوريين فى ضربة واحده .
الجميع تكالب على سوريا وكان أولهم بشار ونظامه وعائلته، وما بين اطماع تركيا وايران وروسيا ورغبة الولايات المتحدة واسرائيل فى القضاء على سوريا وجعلها جثة هامدة مما يحقق أمان اسرائيل، يبقى مصير الشعب السورى حائر فى دائرة الصراع تلك.
لكن ستواجه السوريين تحديات كبيرة، اهمها مواجهة الفوضى والتمزق والإنقسامات، والعمل على اعادة بناء الدولة ومؤسساتها قوية لمواجهة التحديات والأطماع لتبقى سوريا موحده، وعليهم الإستفادة من تجارب الدول الشقيقة وماحدث فيها من خلافات ادت الى زعزعة استقرارها و انهيار تماسكها وانقسامها.
كما نتمنى ان تندمج تلك الجماعات المسلحة فى الجيش الوطنى بدون اى حسابات لاحقة او امنيات سابقة ولنا فى السودان مثل يجب ان نبتعد عنه من اجل الصالح العام .
ويبقى حصن أمان سوريا واستقرارها فى ايدى لاعبين عبر أذرعهم الممتدة فى سوريا تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، فهل يتفقان ان تكون تركيا موحدة ويكتب لها الإستقرار، ويعطوا للحكومة الإنتقالية الفرصة كاملة لعوده سوريا الى سابق عهدها موحدة وتبنى قدراتها من جديد.
ام سيغرق الجناج العسكرى للميلشيات فى جر سوريا الى دوامة من الصراعات والثأر من زبانية نظام بشار والإقتتال الداخلى.
حفظ الله سوريا والسوريين امنيين
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)