السبت، يوليو 21، 2012

رسالة مغترب 1


كان يدرك انة يعيش فى أقصى الارض برغم انة يحمل الجنسية المصرية ففى هذة القرية البعيدة عن كل معانى الحياة مثلها مثل كل القرى المصرية فى الاهمال والنسيان حيث لا مياة نظيفة ولا كهرباء ولا شبكات صرف صحى ولا رعاية صحية ولا اهتمام بأى شكل من الأشكال
كان ينظر الى المركز بعين الانبهار عندما كانت تتيح لة الفرصة فى الذهاب الية حيث الطرق اسفلتية وسيارات كثيرة يراها ومطاعم ومقاهى وملبس غير الملبس ووجوة غير الوجوة كان يتمنى فى نفسة ان يعيش مكان هؤلاء الناس ولو يوما واحدا ليستمتع بكل ما توافر لهم من سبل العيش
وفى يوم من الايام هتافته نفسة ليسأل واحدا منهم وهو يشترى منه الخضار فى السوق يابية انت بتفاصل معايا فى خمسة صاغ مش كفاية انتم تعيشون فى المدينة حيث كل شىء مجاب لكم انما نحن فى اخر الكون فقال لة البية ياراجل حرام عليكم انتم عايشين ببلاش لا تدفعون ثمن ايجار شقة ولا تركبون مواصلات كل يوم ولا تتعرضون لضغوط المعيشة القاسية فنحن لا نملك الا مرتباتنا ولدينا كومة من الاولاد والمصاريف كتير شوف افطار بكام عيش وفول وطعمية ومصاريف كل يوم للاولاد وهى ذاهبة الى المدرسة غير الدروس الخصوصية والعلاج وخلافة انما انتم مقضينها اى حاجة تأكلون حيث تجود الأرض وقاعدين فى ارض وبيت ملككم
وهنا صمت الفتى ولم يتكلم وخطر فى بالة ياة د الناس دى تعبانة قوى قوى وأنا اللى كنت مفكرهم مرتاحين لا بردة بس كفاية ان عندهم كهرباء ومياة ولا يذهبون الا بلاد مجاورة يقطعون بضعه كيلو مترات يوميا ليملأ جركنين من المياة النظيفة فمن منا لم تسنح لة الفرصة لملىء هاتين الجركينين شرب من مياة البحر وكفاية ان معندهومشى بلهارسيا وعندهم دكاترة وكهرباء ومش مهم اى حاجة تانية
حتى المدارس يضمنون كل يوم ان ياتى المدرس الى المدرسة مش يجى عندنا يوم ويغيب عشرة بحجة المواصلات او المطر
وبمناسبة المطر بقى يكون مثل الحاجز الالهى بين من يعيش فى القرية والمركز فمن يذهب الى جامعتة او مدرستة بالمركز يكون سائرا على قدمية فى الوحل او يركب الحمار حتى يصل الى بداية الطريق الاسفلتى لان السيارات لا تسير فى الوحل والارض الطينية من جراء المطر  ناهيك عن السواد الليلى وهذا هو الظلام الدامس الذى تتشح بة القرية عندما يجن الليل ولاترى غير بصيص من جراء لمبة الجاز ويلتف كل الدارسون فى البيت حول الطبلية بعد عناء يوم شاق من الصباح الباكر فى المدرسة ثم اعمال الحقل ثم نهاية اليوم بعد اذان المغرب يتذاكرون دروسهم فى نهم وحب والفة مع بعضهم البعض ومنهم من يرى ان التعليم يجب ان يكون اهم اولوياتة ويرى البعض فكك من التعليم دالوظيفة مبتاكلشى عيش الواحد يتعلم وياخد دبلوم علشان يتجوز ويطير سنة من الجيش وبردة يبقى اسمة متعلم ومتقلويش بقى ثانوية عامة وجامعه واطلع البس الجلابية البيضا واعمل بية على الفاضى اهو اخلص بدرى بدرى واخلص جيشى واسافر اعملى قرشين فى بلاد الغربة واتجوز وبعد كدة نقضيها واللى يسرى على عليا يسرى على باقية العيلة
النظرة محدودة والصبى ينظر الى الجميع فى تأمل وصمت ولا يتكلم او يشارك انما تزاحمة الخواطر والكلمات تتسابق فى راسة هو فقط انما العلم نور فانيس منصور خرج من هنا وكبار الكتاب والساسة كانوا يقطنون فى القرية وكل شخص لة قدر مقدر لة ولابد ان يجتهد ويترك الأمر لله حتى نجح فى الاعدادية وذهب الى المدينة ليكمل تعليمة ولضيق ذات اليد كان علية ان يعمل ليساعد والدة فى مصاريف تعليمة وجد واجتهد وصابر وصبر وتحمل كل شىء من ضيق وضجر حتى اكمل تعليمة الجامعى كان يحلم طيلة الوقت ان الدنيا تفتح اذرعها لاحلامة ولكنة كان فقط يتمنى ويحلم ولكن الواقع مغاير عما يريد وكانةيقول من حقق ان تحلم ولكن ليس من حقك ان تحقق احلامك فالوساطة والمحسوبية هى المتحكم فى كل شىء ومن ليس لة وساطة يبقى الوضع كما هو علية
ظل يمنى نفسة بأن تحدث معجزة برغم انتهاء زمن المعجزات كان يرى ان كل مصرى لة الحق فى
ان يعيش ولة كل الحقوق وكما علية كل الواجبات كما يقول الدستور فراح يقرأ هذا الدستور والذى بة كلام فقط ولا يتحقق منة شيئا
ففهى وقت تقديم اوراق الطلاب للكليات العسكرية ترى الصحف فى صدر صفحاتها الأولى لا وساطة ولا محسوبية فى اختبارات الكليات العسكرية ولكن الحقيقة غير ذلك تماما فجرب وسحب اوراق التقديم فى الكلية الحربية وكانت النتيجة الخروج من الكشوف التمهيدية لانة ليس معه وسطة هكذا هى الحياة فى مصر حتى العمل لا تعمل الا بواسطة فلماذا تعلمنا وتخرجنا من الجامعه وان كان مكتوب على ان من يوظف فى البترول هم ابناء العامليين وصاحب النفوذ ومن يدخل النيابة ابناء المستشارين ومن يدخل حتى الفن هم ابناء الفناننين ومن يكتب فى الصحابة هم اهل صاحبة الجلالة فقط فقرر الرحيل بعيدا عن هذة البلاد لعلة يجد نفسة فى مكان لا يسألة من انت ومن تكون انما يقول لة ماهى قدراتك وامكانياتك ومواهبك
وظل يراقب مصر من بعيد ويمنى نفسة فى يوم بالعودة الا انة حتى الان لم يعود
سنكمل باقى حكاية المغترب فى الحلقة القادمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق