الجمعة، يوليو 16، 2021

فى قريتنا البعيدة

 


فى قريتنا البعيدة والتى كنت أظنها كذلك حيث كنت ادرك أننا منفيون بعيدون تماما عن عاصمتنا . لا يدركنا احد ولا يعلم بوجودنا مسؤول  .و تحت شجرة التوت كانت جلستنا مع نفس تواقة الى مستقبل طياته غد أفضل .نظل نتحاور فى صمت . هل يعلم بوجودنا الرئيس او المحافظ اعتقد لا .

كانت القرية تئن تحت الفقر والعجز من انعدام الخدمات وكأننا فى العصور البدائية .

فعندما كنت تمرض لا تجد  مستشفى او طبيب لايوجد غير رجل كبير السن يقوم بتمريض الأهالى ولست ادرى من اين جاءت خبرتة وهو غير المتعلم ولكن الجميع يتسابق الية ويمر على البيوت صباحا ومساء ليمرض مرضاه .حتى ان ابنه ورث المهنة من ابية. وتقوم الداية بعمليات الولادة وتمريض النساء والمجبراتى بعلاج امراض العظام كل شىء بدائى والكل يتناغم كانة الطبيعى فلا وجود للطبيب فى قاموسهم الا فيما ندر .

اما التعليم فكان فى غاية الصعوبة حيث توجد فى اكبر القرى المحيطة مدرسة ابتدائى واعدادى يتوافد اليها كل ابناء القرى المجاورة .وعندما كانت تمطر السماء بخيرها كانت تتوقف الحياة وتنقطع السبل والطرق ولا يصل المدرسين من المدينة مع احتمالية ان تستمر تلك الحالة اسابيع ولا يذهب الغالبية من التلاميذ الى المدرسة .وكان البعض من اولياء الأمور يكتفى بهذا القدر من التعليم وخصوصا للفتيات فهو لا يستطيع تحمل تكاليف ان تذهب ابنته الى المدينة وان وجه نظره انها ستتزوج قريبا ولا داعى لاستكمال تعليمها .كذلك بعض الأولاد كان ينقطع عن التعليم للعمل مع أسرتة فى حقلهم فهذا اجدى وانفع وقليلا ما كان يستطيع ان يستكمل تعليمة ويذهب الى الجامعة .ولقد شاهدت وعايشت حالات من الفتيات يخرجها ابويها من التعليم فى اثناء دراستها للزواج لان ابن الحلال طرق بابها .

وأنا هنا احاول ان اصور لكم شكل القرية المصرية التى ليس بها كهرباء والتى تتشح بالسواد بعد اذان المغرب وتتحول الى سكون وصمت مخيف .ومازلت أتذكر عندما تم توصيل الكهرباء ومدى الفرحة العارمة وكأننا وصلنا الى القمر اخيرا  يمكننا ان ندخر لنشترى الجهاز الفضى الذى يوصلنا بالعالم لنشاهد اين هو واين نحن .

وطبعا ليس هناك صرف صحى ولا مياة نظيفة انما يوجد مرشح قديم يتوافد على كل نساء وفتيات القريية ليملئوا جرارهم وكان الزحام الشديد والاشتباكات اليومية تجعل البعض يذهب الى قرى اخرى متخطيا عدة كيلومترات ليحصل على المياة .

وعندما يقرر الأب انه مسافر الى المدينة كانت المشاعر تتدفق حيث كنا نوصيه ان يأتى لنا بالسندوتشات او نبكى لان ياخذنا معه حتى نستقل السيارة ونرى الزحام والعمارات الشاهقة ونظل نحكى عن زيارتنا تلك وكأننا كنا فى رحلة الى الفضاء .ولا انسى هنا عندما قررنا ان نذهب الى مصر فنحن نقول على القاهرة او الجيزة مصر سنذهب لنرى الأهرامات بأعيننا فلا نستطيع النوم تلك الليلة خشية ان يرحلوا بدونا ان نكون معهم ضمن الرحلة ونستعد بالزاد والزواد فنحن ذاهبيين الى ام الدنيا مصر .واعلم بعض الأهل كبار السن مازالوا يحكوا لاولادهم عن تلك الرحلة فهى منقوشة فى خيالهم الى الابد .

الوضع لايمكن حصره فى مقال لان الحكايات لا تنتهى ولكننى كنت اكثر الناس سعادة بانطلاق مشروع حياة كريمة الى القرى المصرية والذى يعيد الابتسامة والأمل اليهم فأخيرا هناك مسؤول يعلم يوجودهم فى تلك الأماكن البعيدة ويمد لهم جسرا من الامل الى مستقبل أفضل ويحقق لهم الحياة الكريمة وينتشلهم من البدائية الى الحداثة ويمد لهم كافة الخدمات التى حرموا منها طويلا فأخير سيكون داخل قراهم مدارس ومياة نظيفة وكهرباء وبيوت ادمية وطرق مرصوفة ووحدات صحية وخدمات اجتماعية ومركز شباب ومكتبة كل ما كنا نحلم به فى صمتنا كل ما كنا نراه مستحيلا اليوم اصبح حقيقة .

كل الشكر الى القيادة السياسية الحكيمة والى من ساهم فى تلك المبادرة الى ثورة يناير و30 من يونيو الى الشعب المصرى الذى يستحق الافضل وحقا تحيا مصر بنا جميعا .

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق