الجمعة، أغسطس 29، 2014

حكاوى البيوت


يعتب علي والدي لهجومي المستمر والمتواصل على أفراد جماعة الإخوان. فوالدي ينكر عليهم كل أفعالهم الشريرة والإرهابية وأن كل ما يحدث من أحداث هي أفعال ملفقة. وهو يتابع بشكل مستمر قناة الجزيرة وينكر ما عداها من قنوات وإعلاميين. برغم أنه ليس إخواني ولكن دائمًا يحكم على الإخوان من خلال حكمه على أخلاقيات أخي وأفعاله الطيبة وتربيته الحسنة وأدبه الجم وخلقه الرفيع وطيبته الشديدة وتفانيه في مساعدة الآخرين وحب الجميع له بدون استثناء. فظل والدي يرى الجماعه كلها في ولده وأنهم الأخيار فاعلي الخير وصانعي المعروف ولا يقبل عليهم الكلمة السيئة وأن كل ما يقال عليهم ماهو إلا حقد وضغينة.
أتذكر أيام أحداث الاتحادية وأنا كنت أقف في جهة مخالفة للجهة التي يقف فيها أخي وتحدثت معه ودموعي في عيني أنا لن أحمل حجرًا وأقذف به في الجهة المضادة والتي تحاول أن تفتك بنا بغير هوادة ولا رحمة وهو هناك في الجهة التي تريد أن تقتلنا شر قتلة بغير رحمة ولا ضمير ولا صلة رحم يومها بكيت بشدة وتراجعت في الخلف فكل هؤلاء بني وطني فمن زرع الحقد في قلوبهم لماذا سكنت ضمائرهم وتبلدت مشاعرهم لماذا وضع نفسه وسط هؤلاء وهو دائمًا صاحب القلب الطيب والهادىء الوديع البعيد كل البعد عن أخلاقهم وأفعالهم فلماذا هو هناك في تلك الجهة أهو الواجب المقدس والولاء والطاعة المفروضة عليه.
كل ماحولنا يرفض هذا الواقع المرير الذي نحياه هم لا يرون إلا أنفسهم وجماعتهم هم تعلموا السمع والطاعة وفقط هم يتحركون كقطع الشطرنج والدمى لا يفكرون ولا حتى يتفكرون فقد غابت عقولهم كما تبلدت مشاعرهم يحركهم من هو أعلى منهم كما يحرك من من يحركهم هم كالتروس تدور في فلك راعيهم ومرشدهم ومكتب إرشادهم.
فهذا صديق العمر جاء بعد طول غياب في إجازة قصيرة له في مصر وحتى قبل مجيئه وهو يصب جام غضبه علي غير مهتم بسنوات طويلة جمعتنا تسامرنا وتشاجرنا اتفقنا واختلفنا وفي أخر النقاش والحديث نعود معًا كما لم يكن هناك ما ينغص تسامرنا. اليوم رفض مصافحة الانقلابي الخارج على الشرعية من وجهة نظره وأخذ يصفني بأفظع الألفاظ وهو المتأخون وليس الإخواني حتى طال تهكمه على كثير من أصدقائه قاطعًا كل روابط الإنسانية التي تربط بينه وبين المختلفين معه فكريًا. وها هو مستمر في عناده متمسكًا بأفكاره متوهمًا ويعيش في أوهامه بأن مرسي سوف يعود برغم الواقع الذي نعيشه رافضًا الحقيقة التي نحياها مثله مثل الإخوان الذين يملأون الأرض إرهابًا وترهيبًا وكذبًا وضلالًا.
وقد نلوم الكبار وهم على سنهم وعلى تجاربهم الحياتية ولكن للأسف يزرعون في أطفالهم نفس ما يجيش في صدورهم لخلق جيل متواصل غاضب على كل شيء ناقم على كل شيء عدا ما  يقومون به يضمرون في صدورهم الكره لمصر وللمصريين عدا من هو على شاكلتهم. يتمنون أن تصل داعش إلى مصر وأن يخذل الله جيشنا وأن تبور الأرض الخضراء وإن مسهم الضر اشتكوا أين الأمن والأمان وهم من يحاربون الشرطة والجيش بل ويقتلونهم ثم يشتكون انقطاع الكهرباء وهم من يفجرون أبراج الكهرباء والمحطات. ويحرقون المنشآت العامة والتي هي ملكًا لهم كما هي ملكًا للجميع. ويسخرون من كل المشاريع القومية والاجتماعية ويبثون الشائعات حتى يتعايشون معها برغم أن الخير سيعم على الجميع. فهل منهم من لا يستخدم المترو أوالقطار وهم يزرعون عبواتهم التفجيرية. فهل منهم من لا يستفيد من الدعم وخلافه وهم من ينشرون شائعات إلغاء الدعم وهم أول المستفيدين.
أيها السادة نحن نعيش تحت سماء واحدة وأرضًا واحدة وعندما تمطر السماء تمطرعلى الجميع وكلنا نرى شمس يوم جديد فهل لا قدر الله إن أصبنا بسوء يتجنبهم ويصيب من سواهم.
حاولت كثيرًا الدخول في مناقشات مع أخي الجليل الطيب المتفاهم الفاهم ولكن طبيعة عقيدته تغلب على فهمه وعقله. صحيح هو لا يمارس العنف ولن يمارسه في يوم ما ولكنه في النهاية ينتمي إلى ذلك التيار الذي أرفضه وأصب جام غضبي ليل نهار على أفعاله وأصب لعناتي وأنسى وأتذكر أن في هذا التنظيم من أحبه من كل قلبي. فهل أستثني صديق عمري وأخي ومَن مِن دمي من التهجم فهل أرفضهم كما أرفض أفعال جماعتهم.
دائمًا يقول أبي الجميع يسألني كيف لهذين الأخوين أن يتخذا موقفين متضادين تمامًا ورغم ذلك يجلسان في ود وحب حاولنا أن نحافظ على الرباط الإنساني ولا نجعل الخلاف الفكري يطغى عليه.
جودي ابنة صديقي ذات العامين ترفع لي إشارة رابعة وأن مرسي هو رئيسها فقد حفظتها والدتها ذلك بل غرست في أولادها أن رابعة مجزرة قادها عدو الله قائد الانقلاب ضد المؤمنين الساجدين العابدين لله. كما تقول قريبة لنا أنتم الخاسرون أخرتكم فقد وقفتم في خندق مع الراقصين والراقصات والمنجمين والقاتلين في خندق لأنكم خنتم الشرعية والشرعية بتفويضكم بل يذهب البعض إلى التكفير. فهل وصلنا إلى حد اللاعودة بعد أن تقطعت الراوبط الإنسانية وتقطعت صلة الرحم بين البعض فلا أنسى رجل خمسيني وهو يقسم على ابنته أن تهجر بيت زوجها الإخواني الذي ينتمي إلى فصيل إرهابي فخاف على ابنته منه. ويتعلل البعض بأن الإخواني لا يتزوج إلا إخوانية يرشحها كبير الأسرة الإخوانية أوالشعبة حتى يتمازج الفكر وينتجون جيلًا مؤمنًا بكل ما يعتقدون وهذا سر من أسرار تماسكهم ومقدرتهم في الحشد.
فقد دخلوا إلى الناس من باب التقى والورع وأعمال الخير وهم يزرعون ليحصدون وقتما يريدون ولهذا حصدوا في البرلمان وعصرنا ليمون في الرئاسة لانتخاب رئيسهم ووقفنا معهم نؤازرهم ولكنهم نسوا كل ذلك. ولكنهم ينسون أنهم أخفقوا ومازلوا في خسرانهم كل شيء حتى لا يبقى إلا هم في خندق وحيدين يلفظهم الجميع ولا يترحمون على موتاهم ولا يطيب لأحد أن يرثيهم بعد كل ما يحدث منهم من تجاوزات زادت عن الحد وخلق حالة من الإرهاب ضد من يخالفهم غير عابئين بأنهم يعيشون بيننا.
كنت أقول لوالدي في بداية إخفاقهم وفشلهم أخشى أن يأتي يومًا في القرية والمدينة والشارع والعمارة أن يهاجمهم الناس وأن يخرجوهم من بينهم ويهجروهم ويصبحوا منبوذين حتى لو كانوا ملائكة ومازلت أصر على موقفي من ذلك الحدث قد يأتي يوم ويكون واقعًا بعد أن زاد إرهابهم وحرقهم للأخضر واليابس.
وأنا أعلم علم اليقين أنني لن أستطيع مراجعة الأهل في فكرهم فهم طوال الوقت يتكلمون معًا بنفس اللغة ولا يريدون أن يسمعوا من هو خارجهم يتحدثون طوال الوقت عن فضيلتهم وبرهم وعطفهم ومظلومية يعيشونها ودمائهم تنذف وإخوانهم في السجون يتعرضون للتعذيب وبناتهم تتعرض للاغتصاب ويصدقون كذبتهم لبراعتهم في تسويق الكذبة. للأسف حتى فكرة العودة لحضن الوطن أصبحت مرفوضة عند البعض ولابد من تجديد الخطاب والعودة إلى مراجعات فكرية كما حدث مع الجماعات الجهادية المسلحة والتكفيرية وأن نفكر لبرهة بعين العقل في مستقبل أجيال نزرع في قلبها الحقد ونحن نريد الخير لوطننا وأنفسنا وأننا سوف نجني ما زرعناه فهلموا نزرع الخير وننبذ العنف والشر حتى نحصد المستقبل الذي يليق بوطن خرج من قلب الحضارة وصنع مجدًا في الماضي ويسعى إلى صنع مجدًا في الحاضر والمستقبل.
وحفظ الله الوطن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق