الأربعاء، أغسطس 10، 2016

المشهد


دخل بيتة الأثير الأنيق .بعد ان عاد من عملة فى شركة عالمية .تناول غذائة واخذ قيلولتة ليذهب بعدها نشيطا الى النادى الكبير .حيث يلتقى مع اصدقائة .يتبادلون الحديث الفارغ الممل عن الفتيات واحدث الأغانى والأفلام وخطوط الموضة والسيارات .وكلا يسجل اخر مغامراتة على مواقع التواصل الاجتماعى  متباهيا بنفسة وبصولاتة وجولاتة .وعادة ما ينتهى يومهم فى اوئل تباشير اليوم التالى ليستقل كلا منهم سيارتة ويعود الى منزلة فى الحى الراقى .
ومع انه نال حظ كبير من التعليم وفى اعرق جامعات العالم ويتكلم عددة لغات الا انه لم يدرك يوما ما اى معاناه فكل طلباتة متاحة وجاهزة للتنفيذ .وكل امالة محققة وطموحاتة مهيئة لتنال حظها من الواقعية .
وفجأة قامت الثورة .ولم يدر فى خلدة معنى تلك الثورة ولماذا قام بها هؤلاء المواطنيين وماذا يريدون وما الداعى لهذا الشغب والمصادمات واراقة الدماء وازهاق الأرواح .ووجد فى نفسة شعور عميق و عليه ان يبحث عن تلك اجابات لاسئلة كثيرة تدور فى خلدة  .ونزل ميدان التحرير لاول مرة فى حياتة وكان الجيش قد سيطر على الوضع ولم تعد هناك مصادمات بين الشعب والشرطة .والتفت حولة فلم يجد احد يعرفة معرفة شخصية ولكن كل من حولة يدرك انه يعرفهم وانهم يعرفونة حاول ان يتجاذب اطراف الحديث مع من حولة ولكن خاف ان يخطأ فى تصويب رأية وهو من  نال كل حظة تحت عبائة ذلك النظام ولا يحمل ضغينة علية .فهو لم يدخل مستشفى حكومى وقت مرضة ولم يتعلم بالمجان فى مدارس الدولة ولم يعانى من مشاكل الفقر والصرف الصحى والبطالة وقلة الحيلة وضيق ذات اليد ولا ما تعانية تلك الجموع من اضطهاد وعنف وارهاب من زبانية النظام .
ولكن حاول على خجل ان يقترب من شخص تبدو على ملامحة الطيبة والهدوء وبعد ان تعرفا على بعضهما البعض .قال لة ممكن افهم الناس دى هنا لية ؟
قال نحن نبحث عن العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة فى بلدنا وهذا طلب بسيط وشرعى .
 ورد ومن يقف فى وجة تحقيق تلك الطلبات أليس فى الوطن عدالة اجتماعية وحرية وكرامة أنا امارس حريتى كاملة ولا احصل على شىء من احد ولم يضطهدنى احد ولم يعتدى احد على كرامتى  وانا اعيش مثلك فى ذلك الوطن .
نعم انت تعيش ولكن لم تعيش ما نحن فية من فقر ومرض وتكميم للأفواة وتقييد للحريات وارهاب وترهيب حتى نظل صامتين ومن يخرج عن هذا النطاق لا يرى الشمس مرة اخرى يعتقل ويلقى فى غيابات السجون بدون محاكمة وحتى لو تمت تكون محاكمة صورية صدر فيها الحكم حتى قبل ان تتداول القضية من الأساس .ناهيك عن دائرة المنتفعين التى لا تنتهى حول السلطة وتكون بداية فسادها وافسادها  .
والأن وقد تم كسر حاجز الخوف والصمت وسقوط زبانية وجلادين النظام يجب ان يسقط النظام نفسة .
تعجب الشاب مما يقولة رفيقة فى الميدان .هل تنون فعلا سقوط رأس النظام ؟ هل تدركون حجم الفوضى والتخريب والتدخلات الأجنبية ؟ هل تصمت أمريكا على سقوط رجلها فى المنطقة. هل تعلمون مدى قوة الدولة العميقة وتصلب جذورها فى البلد ؟ومن القائد الذى يقود الجموع لتحقيق أهداف تلك الثورة وما هى ادواتة ؟
قال الشاب الثورى بكل ثقة انه الشعب هو مصدر السلطات وهو من يقود !
تعجب الزائر للميدان ورد انه يجب ان يكون هناك قائد يلهب الشعب الحماسة ويقود ويفاوض ويكون علية اجماع حتى تظل وحدة ذلك الميدان بدون انقسام .
وبعد لحظات شرود من الزائر الى الميدان طلب من رفيقة ان يتجول معه وسط الجموع المحتشدة لتعرف عليهم عن قرب حتى لو بعينية التى كانت تجوب كل الأركان وكأنة متعجبا لهذا العالم الذى هو فية .
ولكن قرر الشاب الثورى الرجوع الى بيته لمرض والده  وعندما حاول الاستئذان من رفيقة طلب مرافقتة الى بيته .ومروا سيرا حتى وصلوا الى اقرب ميكروباص يقلهم الى صفط اللبن وكان صديقنا هذا أول مرة يركب الميكروباص وينزل الى تلك المناطق الشعبية المكدسة بالسكان والصاخبة بالضوضاء من الورش والتكاتك وسيارت الخردة المتهالكة والتى مازالت تعمل وتحمل ارواح تنقلها من مكان الى مكان وسط طرقات محطمة وشوارع غارقة فى الصرف الصحى وتزاحم على طلمبة المياة باحد الشوارع لانقطاع المياة بالمنطقة وظل فى شرودة حتى وصل الى البيت .كانت عمارة متهالكة ومدخل ضيق جدا وسلم يكفى لمرور شخص واحد ودخل الى المنزل ذو الحجرتين والذى يعيش بة خمسة اشقاء ووالدهم المريض والكل حول الاب المريض ماذا يفعلون الان وليس معهم اى نقود تكفى ليوم واحد فى مستشفى خاص او حتى قيمة روشتة العلاج وفكر احد الابناء ان ينقلة الى الصيدلية ليصف الحالة الى الدكتور الصيدلى ويعطية الدواء ويوفر قيمة الكشف وعذاب الانتظار وقد كان ولكن اوصاهم الصيدلى بنقلة فورا الى مستشفى الهرم العام وعندما وصلوا دخلوا الى الاستقبال وتم الكشف على الحالة وكتب لهم دخول الى المستشفى لعمل تحاليل واشعات ومتابعتها ولكن كانت المفاجأة لا اسرة متاحة وان الاشعات المطلوبة والتحاليل يجب ان تتم فى مركز خارجى وعلى حساب المريض واخذت تتوالى الصدمات على الأبناء ولم يستطيعوا ان يفعلوا شىء سوى البكاء والسب واللعن على ذلك الوطن الجاحد .وهنا تدخل الشاب الزائر وتطوع بدفع كل تلك المصاريف وتركهم بعد ان استقر الوضع واخذ الاب مكانة فى المستشفى فى احد الطرقات لعدم وجود اسرة وهو معلق المحاليل فى يدية .
ترك المستشفى وعاد الى حيث مكانة فى بيته الفخم يفكر فى ساعات قليلة قلبت راسة على عقب .بتذكر كل الوجوة التى تطلع اليها وتحمل عيونهم كل الهموم وكل الغضب وكذلك الأمل فى غد يتساوى فية الجميع وتتحقق العدالة الاجتماعية ويجد المصرى كرامتة مصانة فى بلدة يجد العلاج والدواء والكساء .يحلم ان يتعلم اولاده تعليما محترما وان يتم القضاء على الفساد والرشوة والمحسوبية .تذكر كلمات كثيرة من صديقة فى الميدان .
وهنا تيقن بان هناك الملايين تجوب الشوارع وتهتف تبحث عن الأمل وتتمنى سقوط النظام وحاشيتة .
ولكن هل بسقوطة سيتغير كل شىء الى ما يصبوا الية من حلم وامل وتطلعات واين ذلك القائد الملهم الذى يدير تلك الدفة بمهارة ليحقق حلم تلك الجموع ليجعلهم يتكاتفوا ليحصدوا حلمهم وليعملوا بكل جهد ليحيوا ضمائر موتى ونفوس خربة .
 وقال فى نفسة ان عليه دورا وكل مواطن علية دور فى البناء وانه من اليوم سيكون شخص ايجابى يخدم الوطن والمواطنيين ليرفع عنهم ألامهم وعذباتهم حتى يتحقق حلم المصريين
ولكن مازل النظام قابع على الصدور ونفوس الغالبية دأبت الخضوع والخنوع
ومازال الشرود سيد الموقف
10-10-2016



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق