السبت، مايو 23، 2015

قرى مصر

نعم كانت قرية هادئة .كنت دائما اظن ونحن صغار أنها بعيدة جدا عن العالم الحقيقى الملىء بالصخب والضوضاء .أهلها اناس طيبون يعيشون فى حالة رضا .اقاموا الاحتفالات وقت ان دخلتها الكهرباء والمياة النظيفة ناضلوا طويلا مع المسئوليين حتى يتم رصف الطريق الذى يوصلها بالعالم والذى اتضح انه قريب منها جدا .اصبح بها مدرسة اعدادى وثانوى وفنى وبها مركز شباب ووحدة صحية كل ذلك كنا نحلم بة يوما ما وقد كان .
فى هذة القرية الصغيرة الجميع يعرف بعضة بالاسم .يتعاونون ويتزاورون ويبادلون اطباق الطعام صباح مساء متماسكون مترابطون فى السراء والضراء .
حتى كانت الثورة والتى جاءت لهم منقذ لتحقيق حلم كبير وهو العدالة والحرية والكرامة وان يعلم السادة المسئولين ان هناك الاف القرى مثلهم لهم مطالب ولديهم طموحات واحلام .
شاركوا فيها متضامنين مع الشباب المصرى تجمعوا فى كل الميادين وتجمعهم الألفة والمحبة تكاتفوا على مطلب واحد عيش حرية كرامة انسانية .
حتى كان التنحى وكما اصاب العطب كل نواحى مصر اصاب القرية المصرية ولكن كان مصابها أفتك واقوى منه فى المدينة .
ففى المدينة يتوه الجميع ولا احد يعرف احد الا فى حدود ضيقة جدا عكس القرية التى انشطرت الى نصفين عدائيين جراء خلاف فكرى سياسى .قضى على العلاقة الانسانية الوطيدة بينهم .ورويدا رويدا بدا هذا الخلاف يتسع ويتفتت مابقى من علاقة انسانية حتى رأينا الاسرة الواحدة تنقطع اوصالها ويهجر الزوج زوجتة ويفتك الخلاف العلاقة بين الاب وابنة وبين الاخ واخية وناصب البعض للبعض العداء علانية وكلا الطرفين يصف الاخر بالخيانة حتى وصل الى التكفير .
لم يدرك احد من المسئولين عمق اتساع هذا الخلاف بين هؤلاء الناس الطيبين والذين يتصرفون من منطلق دينى فتأيدك لمرسى يعنى انتصارك للاسلام واعلاء رايتة هكذا تصور لهم وهيأهم قادتة الرأى الذين يسيرون ورائهم بدون هدى .
علينا ان ندرك خطورة ما حدث فى جميع القرى المصرية والتى كانت مترابطة انسانيا نسبا ودما ورحما قد تفتت تلك العلاقة وانقسم المجتمع بين مؤيد ومعارض ولكنة انقسام يحمل فى طياتة الخطر الحقيقى على مصر كلها وعلى الامن القومى .فهناك طرف يريد ان يدمر الوطن تدميرا ايمانا بنزعاتة المتطرفة وارائهم الخربة التى يعتقدون فيها .
علينا فقط ان تدرك الحكومة نسبة هذة القرى المصرية من مجموع الشعب المصرى وانة يجب على العمل على عودة حالة الوئام والطمأنينة لتلك المجتمعات التى لم تعرف الكرة والحقد يوما ما وحتى تكون ايادى للبناء وليس الهدم والعمل على تصحيح تلك المفاهيم المغلوطة لديهم وخلق التوعية السليمة .
وان جو البوليس السياسى الذى يداهم تلك القرى لن يجدى بالنفع وسيولد عنف اكثر .فالبلاغات الكيدية والتحريضية مستمرة مع طرف على طرف اخر حتى لو كانت القرية هادئة .فمحاولات الاقصاء العمدى هذة لن تجدى نفعا ولن تحل تلك الاشكالية وتساعد على اتساع الفجوة بين الاهالى وبعضهم البعض .
علينا ان نعالج تلك الاشكالية بنوع من الحكمة ولا بقوة الردع الأمنية والقبض العشوائى والاتهامات الجاهزة بدعوى ان هناك شباب ينتمون للجماعه المحظورة .
ساترك القوس مفتوحا لان للحكاية بقية وعلى الدولة بكل اجهزتها ان تسخر اماكنياتها لعمل حالة من الاحتواء فى تلك المجتمعات الريفية البسيطة والتى تشكل طاقة وقوة وعدد لا يستهان بة من المجتمع المصرى . وان الحوار والمراجعات هو الطريق الوحيد للوصول الى بر الامان .
وحفظ الله الوطن   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق