الجمعة، سبتمبر 17، 2021

يعقوب بن كلس اليهودى المسلم

 




يعقوب بن كلس  شخصية لفت انتباهى اثناء قرائتى كتاب يهود مصر للدكتور محمد ابوالغار ,مماجعلنى ابحث اكثر عن تلك الشخصية التى تمتعت بالدهاء السياسى والمهارة الإدارية والقيادية وقد ترك بصماته واضحة وجلية على الحياة فى مصر فى العصر الفاطمى وما تلاه .

فيعقوب هو ابن لأسرة يهودية مولود ببغداد واسمة ابوالفرج يعقوب بن يوسف بن ابراهيم بن داود بن كلس  ويزعم هو انه من أولاد هارون بن عمران ،وتعلم في بغداد  وانتقل مع والده منها الى الشام التى اشتغل فيها بالتجارة التى نجح فيها وحقق مكانه عظيمة واصبح من التجار الكبار ولكن دارات عليه عجلة الزمان وبدأت تجارته فى الكساد والتدهور  واثقلته الديون التى عجز عن سدادها.

 فانتقل  الى مصر عام 331 ه بعد ان فقد المال والثروة،واتصل ببعض خواص كافور الإخشيدى ، واعطاه كافور وظيفة صغيرة و سرعان ما كسب ثقته فعينه فى عماره داره وراى فية كافور الفطنة والذكاء  .

 ويقال انه سمع من بعض خواص كافور قولة لو كان هذا مسلما لصلح ان يكون وزيرا فدرس قواعد الإسلام وشرائعه بعناية حتى لا يجد فرصة من المتربصين به انه أسلم بهتانا و طمعا فى سلطة وحتى يرد عليهم حجتهم عند مواجهته ، وليثبت لهم  انه دخل الاسلام عن اقتناع ومعرفة، وقد لزم الصلاة وقراءة القرآن وانتدب شيخا ليعلمه التفسير وعلوم القران ويصلى به ويقرا عليه، وفى شهر شعبان الكريم  انطلق بموكبه الى جامع عمرو بن العاص ليصلى الجمعه ولم تكد الصلاة تنتهى حتى انتشر خبر اسلام بن كلس  .

وهنا علت منزلتة ومكانتة عند كافور ونال من الحظوة والتقدير واثنى عليه فما كان من كافور إلا ان عينه فى ديوانه حتى اصبحت أعمالة وحساباته تحت اشرافه . وتوثقت الثقة بينه وبين كافور فضبط له ديوانه فى الشام ومصر وأوكل له النظر فى جميع الدواوين فكان لا ينفق دينار ولا درهم الا بعد توقيعه ،وحقد علية وزير كافور جعفر بن الفرات فاخذ يدس له الدسائس عند  كافور خوفا من بن الفرات على أن  يسلب بن كلس مكانته ونفوذه  .

 وعندما توفى كافور  قبض بن فرات على جميع الكتاب واصحاب الدواوين ومنهم يعقوب ثم اطلق سراحه بعد ان قدم مال كثير ليفدى به نفسه .

وبعد ان خرج من السجن علم انه لامكان له بمصر بسبب حقد الوزير بن فرات وقلقة على مكانته فى وجود بن كلس  فا انطلق من مصر الى المغرب لتبدا رحلة جديدة فى حياتة .

وفى المغرب كانت نظره يعقوب صائبة فالبلاد مسرحا للصراع بين اهل الشيعه من الدعاه الى أل البيت وبين كارهى العباسيين الذين يسعون لتقويض سلطتهم وانهاء سلطانهم  ،ووجد فيها فرصة لاستعاده مكانته ونفوذه وسبقته حكايته مع كافور ووزيره جعفر بن الفرات . حتى دعاه المعز الى مجلسه وتقرب منه وطغت شخصيته على كل من حول المعز ،فقربة المعزلدين الله   و كان من خلصائة وكان المعز له تطلعات فى الاستيلاء على مصر من الدولة الاخشيدية ونشر مذهبه فيها  ويعقوب يحفزه على تلك الخطوة أملا فى العوده الى مصر .

وعندما تحرك جيش جوهر الى مصر كان يريد ان يذهب معه لكن المعز أرجئة للذهاب معه هو .

و رحل يعقوب مع المعز الى القاهرة بعد بناء قائد الفاطميين جوهر الصقلى القاهرة .

 وفى مصر  اصبح اول وزراء الدولة الفاطمية واسند اليه المعز شئون الدولة الحربية والمدنية وكذلك مسئولية الاشراف على الشرطة والتى اعفى منصبها من قائده جوهر الصقلى لانشغاله حتى اصبح بن كلس الرجل الثانى فى الدولة الفاطمية .

كذلك قلده مع عسلوج بن الحسن المغربى كل شئون البلاد المالية والخراج والحسبة والأوقاف فوضعا نظاما للضرائب حتى انتعشت بسببهما امور الدولة الفاطمية المالية .

وبعد موت المعز لدين الله تولى ابنه العزيز بالله فظل يعقوب على كل مناصبة يخدم العزيز كما خدم والده من قبل ولقبة بالوزير الأجل وهنا استقال خصمة الوزير جعفر بن فرات بعد ان شعر بتمكين يعقوب وقله نفوذه ورغم ذلك تمكنت اواصر الود بين اعداء الامس وصارا قريبين.

 واستمر بن كلس على مكانتة يدير شئون الدولة ويراسل الخليفة حتى غضب علية ذات مرة وحبسة فى قصرة لمدة ثمانية اشهر ولم تطلعنا كتب التاريخ عن سبب ذلك الانقلاب من الخليفة على يعقوب بن كلس ،ولكن بعد ذلك صفح عنه الخليفة واعاده الى متابعة كل سلطاته لشئون الدولة.

 ولانة يعرف خطورة الكلمة وشغف المصريين بأل البيت وحبهم لهم، بدأ فى استخدام مسجد بن طولون ومسجد عمرو بن العاص بالفسطاط فى تمرير افكار الفاطميين ونشر مذهبهم  ولكنة فشل عندما رأى رسوخ المذهب السنى فى نفوس المصريين رغم محاولاتة المستمرة فى نشره.  وهنا طلب من الخليفة العزيز بالله ان ينقل المجالس الدينية  التى كان يعقدها فى قصره الى صحن الجامع الأزهر ليصبح دار علم وتثقيف لفقة الشيعة الاسماعيلية ،حيث يعقد فى قصره مجلسا يحضره القضاه والعلماء والفقهاء والأعيان  واستخدم الكتاب لنسخ القران وكتب الفقة والسيرة والادب والطب وغيرها حتى اصبحت مكتبة الفاطميين عامرة بالكتب التى تخطت مليون وستمائة الف مجلد .و اصبح الجامع الازهر مدرسة لتدريس  الفقة الشيعى واعمدتة منبرا لفقهائهم وعلمائهم.

وقد بيع وتلف كل تلك المكتبة ولم ينج منها الا القليل وذلك بعد سقوط الدولة الفاطمية .

وقد الف بن كلس كتاب الرسالة الوزيرية فى الفقة الاسماعيلى اودع فيه جل ما سمعه من الخليفة المعز وابنه العزيز واصبح مرجعا لفقائهم فى معاملاتهم.حتى انه فى عهد الخليفة الظاهر امر دعاه المذهب الفاطمى بتحفيظ كتاب بن كلس لاهميتة وعمقه وقوة تاثيرة  .

وقد حظى بن كلس على تقدير المؤرخين لجهوده فى ميادين العلم وتشجيعه للعلوم والفنون .و الية يرجع الفضل فى تحويل الجامع الأزهر الى جامعة تدرس فيها العلوم والآداب بعد ان كان قاصر لتدريس المذهب الشيعى . وهو من اطلق علية هذا الاسم الجامع الأزهر وهو من اقترح عمل الأروقة وان يكون للعلماء اجرا شهريا من الدولة حتى يضمن ولائهم  .

ويعتبر عهد الوزير يعقوب مع الخليفة المعز والعزيز هو ازهى عصور الدولة الفاطمية.

ومن مأثر بن كلس انه اقام مستشفى فى دارة لعلاج المرضى .كما اقام المطابخ لتقدم الطعام لكل من حوله ومن يريد الطعام كما اقام الموائد فى شهر رمضان الكريم وانشأ البيوت لإقامة الغرباء كما انشأ القصور كقصر الذهب وقصر البحر

وعندما توفى يعقوب أمرالعزيز  قاضى القضاه بتغسيله وتكفينه ويقال انه كفنه فى خمسون ثوبا تاثرا بطقوس دفن قدماء المصريين وقد توفى فى عام 380ه

وعندما مات كان عليه دينا سته عشر الف دينار سددها عنه الخليفة العزيز برغم انه ظل مسوؤل عن مالية الدوله الفاطمية لعشرون عاما مات وزير ماليتهم مديونا وقد حزنوا علية حزنا عظيما وامر العزيز بتلاوة القرأن الكريم على قبره لثلاثون يوما  وغلقت الدواوين عده ايام ورثاه الشعراء .

ورغم مرور السنوات مازلنا نذكر ليعقوب دورة فى تحويل الجامع الأزهر الشريف الى جامعة .

وكتبت نهاية الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين الأيوبى عندما أشار القاضى الفاضل على صلاح الدين بضرورة الاستيلاء على مصر وتخليصها من الفاطميين لتشكيل جبهة قوية مع دمشق لمحاربة الصليبين .

وكانت خطط القاضى الفاضل تخليص مصر من بقايا المذهب الشيعى وعندما سقطت  عزل قضاة المذهب الشيعى وأزال  كل مظاهر من هذا المذهب واغلق الجامع الأزهر وانشا المدارس بدلا منة لتدريس المذاهب الفقهية السنية منها المدرسة الناصرية والصلاحية والقمحية وغيرها واختص الايوبيين وقتها بالمذهب الشافعى دون غيره من المذاهب برغم تدريسهم كل المذاهب السنية فى مدارسهم .وهذا ليس فى عهد بن كلس انما اردنا توضيح كيفية نهاية حقبة ذاك الفكر فى مصر .

ورغم مرور الزمن مازالت بعض مظاهر من احتفالات المصريين التى ورثناها عن الفاطميين تقام حتى الان .

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق