قابلنى قريب لى بوجة يملئة الحزن والأسى وقد زحفت علامات الزمان على ملامح وجة برغم عامة الاربعين
فبادرتة سائلا ماهذا الحزن الذى يحتويك وانت مازلت فى بداية شبابك
فصمت طويلا وكأنة يتذكر اعوامة السابقة ويمر شريط من الاحداث أمام عينية
فقال ابى كان محاربا فى اكتوبروالاستنزاف وكان ممن اسروا فى حرب73 وتعرض
لكثير من التعذيب ولكنة ظل صامدا لا يلين عندما عاد الي بيتة واصل حياتة
وتم تعينة عاملا فى مدرسة وكانة الوسام الذى تقدمة لة الدولة وتزوج وواصل
طريقة فى الحياة راضيا قانعا حتى عندما جئنا الى الحياة وانا أصغر ابنائة
الستة حيث لدى ثلاث بنات وولدان وتوفى اخ صغير لنا ورغم ذلك كانت جنيهاتة
القليلة هى التى تعيننا على سبيل الحياة راضيين بهذا القليل حيث لا نلبس
الجديد الا مرة واحدة فى العام فى العيد الكبير او الصغير فقط ولا نملك
مصروفا ولم نعرف لة سبيل طوال فترة دراستنا حيث اننا لا نملك ارضا زراعية
انما كل مانملكة هو عدة جنيهات هى راتبة
كان يسامرنا فى وقت السحر
عن ذكرياتة فى الحرب حتى كانت كل امانينا ان أكون ضباط فى الجيش لنعيش فى
زهو والدى ونواصل نضالة ويفتخر بنا كان الحلم ينمو ويكبر فى داخلنا وكانت
حكايات والدى دافعا قويا على التهام الكتب والمذاكرة حتى وصل اخوتى البنات
الى اتمام الشهادة الاعدادية واحدة تلو الاخرى فما كان منه الا انة اصر ان
يكملوا تعليمهم الفنى وليس الثانوية العامة لانة لن يستطيع مواجهه تكاليف
الدروس او مصاريف دراستهم فى الثانوية وكانت حجتة انهم سوف تنتهى بهم
الحياة الى بيت ازواجهم وان تعليمة لهم وحصولهم على دبلوم سيتيح لهم زيجة
جيدة ويرحمهم العمل فى الحقول ومرت الايام وتزوجا وتخرجنا من الجامعات وكنا
نعمل حتى ايام الدراسة لمواجة مصاريف الجامعه حتى ايام الدراسة الثانوية
حتى انتهت هذة الايام المريرة والشاقة فى كل شىء وتخرج اخى من كلية الحقوق
بتقدير عام جيد جدا وكان يتمنى ان يتعين فى النيابة ولكن اين الواسطة التى
تتيح لة ذلك وحاول ولكنة فشل وتقدمت انا الى الكلية الحربية وفشلت ثم دخلت
كلية التربية رغبة لوالدى انها ستفتح لى سبل العمل المباشر فور تخرجى حتى
كان لة ذلك رغما عنى والتقدم لها ارضاء لة ووصية بان المعلم رسول الامة
ولكن هذة الامة غائبة ولا يدرى احد بالعالم ماندركة ونشعر بة اخ اصيب
بالاحباط وتحول الى حاقد على المجتمع وناقم علية لعدم تعينة بالنيابة حتى
ممارسة مهنة الحقوق لم يستطع ممارستها حتى اتيحت لة الظروف مع بعضا من
اصحابة الى السفر خارج مصر وحتى الان لم نسمع اى اخبار عنة هل هو حى او ميت
هل اخذتة امواج البحر اثناء سفرة الى ايطاليا وذهب الى غير رجعه حتى ابى
وقع مستسلما للمرض ولم نعد نستطيع حتى ان نشترى لة الدواء فاى دولة نعيش
فيها هذة فهذا الرجل الذى حارب واسرو وقدم للبلد مالم يقدمة غيرة الكثير
فلو كان الفقر رجلا لقتلتة سنعيش ونموت ولا يعلم بوجودنا احد حتى لو رحلنا
فى حادث سنكون رقما فى مانشيتاتهم حتى بدون ذكر أسمائنا
اهذا هو الانتماء وقسم الولاء لذلك البلد الذى يضن علينا بعطفة وحنانة ويتغلب عينا وعلى قوتنا بسطوتة وجبروتة
لماذا الناس كلهم غير
متساوين لماذا لم يدخل اخى النيابة وانا الكلية الحربية لماذا نعاقب على
فقرنا والذى رضينا بة قانعين بما قسمة الله لنا ولكن لماذا يتم معاملتنا
على وضعنا الاجتماعى
احاول فى المدرسة ان اعلم الطلبة الفضيلة والقيم العليا ازرع فيهم الوفاء والاخلاص ساكون كاذبا ومخادعا لهم ونحن نتعامل داخل ذلك الوطن بدرجة متدنية وكاننا لا ننتمى لعالم البشر فالحياة تعج بالغلاء فكيف
لى ان اتزوج وان اوفر شقة وان اشترى اساس ومستلزمات الزواج ومرض والدى
ورحيل والدتى فلولا اختى التى تسكن قريبة منا لكانت الحياة اصعب ادرك ان
الحياة تعاندنا نحن فقط
حتى الثورة التى انتظرنا
منها ان تفك هذة القيود أقدمت لنا جماعه تفرض علينا اشد القيود اعتقد انها
النهاية وان يوم القيامة قد قرب وان الحياة لابد ان تفنى ولكن صدقنى لقد
رايت هذة الايام مالم اراة فى حياتى لم اكن مطلعا على ماحولى ومن حولى رايت
اناس يبيتون بجوار اكشاش الخبز رايت طوابير على انبوبة البوتجاز ورغيف
العيش والسولار وغلاء الاسعار وضيق ذات يد الكثيرين وحالة البطالة التى تعم
ارجاء المدينة شباب فى عمر الزهور يذبلون قبل ان نقطف منهم قوتهم لصالح
وطنهم
على ما اعتقد اننى كنت احتاج من يسمعنى وان اجاوب انا على حالى
هقولك الحمد لله على ما
اعطى وما اخذ وان بعد العسر يسر لابد ان لا نيأس فالياس خيانة كما يقول
الثوار وعلى كل فرد ان يقاوم ويثور فى موقعه وسنتغير بارادتنا وليس بعجزنا
|
الخميس، مايو 30، 2013
من حكاوى الزمان
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق