الأربعاء، مارس 18، 2015

كتاب قريتنا

كان من عادة الأهل جميعا فى الريف ارسال اطفالهم الى كتاب القرية لحفظ القران الكريم وكذلك تعلم القراءة والكتابة والحساب قبل الدخول الى المدرسة. واتذكر اننى اول مرة اذهب الى الكتاب وقد جهزت لى والدتى شنطة من القماش ووضعت فيها جزء عم وكراسة وسندوتش. واخذنى والدى من يدى وتمشينا حتى سلمنى الى سيدنا وكان سنى لا يتعدى الأربع سنوات وكان الشيخ يلبس دائما الجبة والقفطان ملابس الازهريين ويحمل فى يدة خرزانة. وجلست مع الاولاد وكانوا جميعهم دفعتى فى المدارس والجامعه بعد ذلك. 

وتجمعنا جميعا حتى قام احدى رواد الكتاب وهو يكبرنا  وجمعنا امام سيدنا الشيخ وجلسنا نردد ورائة فاتحة الكتاب وطبعا نحن لم نتعلم القراءة بعد انما نستمر فى ترديد الايات ورائة وحفظها من خلفة او من خلف احدى الدارسين السابقين لنا وكنت سعيدا فى الايام الاولى حتى تعلمنا القراءة من بداية زرع وحصد وكان لدينا المقدرة على القرائة فى المصحف بعد شهور وكنا قد حفظنا خلال تلك المدة الاجزاء الثلاثة سمعا فقط .
وكان عندما يأتى على احدى الاولاد ليقف بين يدى الشيخ ويخطأ فى القراءة كانت تهوى علية الخرزانة من كل جانب على جسدة النحيل فكان كل منا يسمع على الشيخ وعينةعلى الخرزانة اين سيهوى بها على جسدة النحيل
وياويلة لمن يغيب يوما او لم يستطيع حفظ المقرر الذى صححة على الشيخ قبل انتهاء اليوم فعلية ان يعكف ليلا للحفظ وان جاء لحظة التسميع ولم يكن انتهى من الحفظ كانت الفلكة فى انتظارة
وقد كنت اكرة الحفظ وكانت الفلكة من نصيبى يوميا .وكان الشيخ يشتكى لوالدى دائما صعوبة حفظى وكان ذلك له نصيب من الضرب  والتأنيب فى البيت .واننى كنت دائم الهروب من الذهاب الى الكتاب وليس خوفا من الضرب وفقط انما بسب سوء حفظى  وان اقرانى قاربوا انتهاء حفظ القران ولم نصل بعد سن السابعه واننى توقفت عند الجزء الثالث عشر
اذكر وانا فى المدرسة وطوال دراستى لم احفظ نص من نصوص الشعر وكنت اتجاهل الدرجة التى تمنح لاى سؤال اكتب مما حفظت برغم عشقى للشعر وقرائتة  وكتاباتى الشعرية التى هجرتها بعد انتهاء الجامعه .
وان كتاب القرية كان لة قيمة كبيرة لدينا ولقد تعلمنا فية اشياء جيدة وقيمة وكنا نخشى الشيخ اكثر من خوفنا من والدنا .

وكنا نلعب دائما الاستغماية وكانت هناك لعبة الدائرة وهى لعبة عنيفة جدا بان تقسم الى مجموعات بعدد افراد متساوية ومجموعه تنزل الى الدائرة بكاملها والمجموعه الاخرى خارج الدائرة ويتم انزال لاعب من المجموعه ويتم ضرب من فى داخل الدائرة ومن تصيبة الضربة يخرج وهكذا.وكذلك كنا نلعب لعبة عسكر وحرامية ولعبة حرب الحارات وهى اعنف من الدائرة حيث كنا نغيير على حارة مجاورة لنا بدون اى انذار
وطبعا لا ينتشر فى القرى مكتبات اوحتى داخل المدرسة الابتدائية او الاعدادية او اى نشاط خلاف حصة التربية الرياضية  وكنا محروميين من كل شىء وكان الحلم الاكبر متى تنتهى دراستنا داخل القرية لنذهب الى المركز حيث المدينة بصخبها والمكتبات والنوادى والكهرباء المياة النظيفة كل شىء 
واليوم تبدل الحال فلم يعد الكتاب موجودا كما كان ولم تعد القرية كما عهدناها تطورت بفعل الزمان والمكان واصبحت مثل المدينة تكتظ فكل شىء قابل للتغير حتى غابت كثير من القيم التى تربينا وتعودنا عليها انه الزحف والتقليد كان كل القرية يعرفون بعضهم بعضا والجميع يحترم الاخر والصغير يوقر الكبير اليوم يدخن الابن امام اباة ويتطاول الصغير على الكبير وعلى مدرسة ومعلمة.كان هناك روابط اجتماعية قوية تربط بين الجميع صهرا ودما فكان الكل فى واحد يساعد بعضهم بعضا فى تكافل اتمنى الى ان يعود بين الجميع الان فى المدينة والقرية   
ليت كل شىء يعود الى اخلاق الزمن الطيب الجميل نؤمن بالتطور ولكن مع الاحتفاظ بالقيم وتقاليد القرية .اليوم تغير كل شىء فياليت الزمان يعود يوما 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق